سورة الأنبياء - تفسير تفسير ابن عجيبة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنبياء)


        


يقول الحقّ جلّ جلاله: {قلْ} لهم يا محمد: {مَن يكلؤكُم}: يحفظكم {بالليل والنهار من} بأس {الرحمنِ} الذي تستحقونه، إذا نزل بكم ليلاً أو نهارًا. قال الواسطي: من يحفظكم بالليل والنهار من الرحمن أن يظهر عليكم ما سبق فيكم؟ وقال ابن عطاء: من يكلؤكم من أمر الرحمن سوى الرحمن، وهل يقدر أحد على الكلاءة سواه؟ وتقديم الليل؛ لأن الدواهي فيه أكثر وقوعًا وأشد وقعًا. وفي التعرض لعنوان الرحمانية إيذان بأن كلاءتهم ليس إلا برحمته العامة. {بل هم عن ذِكْرِ ربهم معرضون} أي: بل هم معرضون عن ذكره، ولا يُخطِرونه ببالهم، فضلاً أن يخافوا بأسه، حتى إذا رزقوا الكلاءة عرفوا مَن الكالئ، وصلحوا للسؤال عنه.
والمعنى: أنه أمر رسوله- عليه الصلاة والسلام- بسؤالهم عن الكالئ، ثم أضرب عنه، وبيَّن أنهم لا يصلحون لذلك، لإعراضهم عن ذكر من يكلؤهم. هكذا للزمخشري ومن تبعه. وقال ابن جزي: والمعنى: أنه تهديد وإقامة حجة عليهم؛ لأنهم لو أجابوا عن هذا السؤال لاعترفوا بأنه ليس لهم مانع ولا حافظ غيره تعالى- يعني لِمَا جربوه في أحوال محنتهم- ثم قال: وجاء قوله: {بل هم عن ذكر ربهم معرضون}، بمعنى أنهم، إذا سُئلوا ذلك السؤال، لم يجيبوا عنه، لأنهم تقوم عليهم الحجة إن أجابوا، ولكنهم يعرضون عن ذكر الله. اهـ. أي: يعرضون عن أن يقولوا: كالأنا الله عتوًا وعنادًا. وهو معنى قوله: {بل هم عن ذكر ربهم مُعرِضون}، كأنه قال: لو سُئلوا، لم يجدوا جوابًا، إلا أن يقولوا: هو الله، لكنهم يعرضون عن ذكره؛ مكابرة. قلت: وما قاله ابن جزي أحسن مما قاله الزمخشري ومن تبعه، وأقرب.
ثم قال تعالى: {أم لهم آلهةٌ تمنعُهم من دوننا}، هذا انتقال من بيان جهلهم بحفظه تعالى، أو إعراضهم عن ذكره، إلى توبيخهم باعتمادهم على آلهتهم. والمعنى: ألهم آلهة تمنعهم من العذاب تجاوز منعنا وحفظنا، فهم يعولون عليها واثقون بحفظها؟ وفي توجيه الإنكار والنفي إلى وجود الآلهة بما ذكر من المنع، لا إلى نفس الصفة، بأن يقال: أم تمنعهم آلهتهم... الخ. من الدلالة على سقوطها عن مرتبة الوجود، فضلاً عن رتبة المنع، ما لا يخفى. ثم قال تعالى: {لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منّا يُصْحَبُون} أي: يُجَارون. والصاحب: المُجِير الوافي، يعني: أن الأصنام لا تُجير نفسها، ولا نُجيرهم نحن، أو لا يصحبُهم نصر من جهتنا، فهم لا يستطيعون أن ينصروا أنفسهم، ولا يُصحبون بالنصر والتأييد من جهتنا، فكيف يتوهم أن ينصروا غيرهم؟
{بل متّعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العُمُرُ}، إضراب عما توهموه من منع آلهتهم وحفظها لهم، أي: ما هم فيه من الحفظ والكلاءة إنما هو منا، لا من مانع يمنعهم من إهلاكنا، وما كلأناهم وآباءهم الماضين إلا تمتيعًا لهم بالحياة الدنيا وإمهالاً، كما متعنا غيرهم من الكفار وأمهلناهم حتى طال عليهم الأمد فقست قلوبهم، وظنوا أنهم دائمون على ذلك، وهو أمل كاذب.
{أفلا يَرَوْن أنَّا نأتي الأرضَ ننقُصُها من أطرافها} أي: ألا ينظرون فيرون أنَّا نأتي أرض الكفرة فننقصها من أطرافها؛ بإدخالها في أيدي المسلمين، فكيف يتوهمون أنهم ناجون من بأسنا. وهو تمثيل وتصوير لما يخربه الله من ديارهم على أيدي المسلمين، ويضيفها إلى دار الإسلام. وفي التعبير بنأتي: إشارة إلى أن الله تعالى يجريه على أيدي المسلمين، وأن عساكرهم كانت تأتيهم لغزوهم غالبة عليهم، ناقصة من أطراف أرضهم. {أفهم الغالبون} على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، أي: أفكفار مكة يغلبون بعد أن نقصنا من أطراف أرضهم؟ أي: ليس كذلك، بل يغلبهم الرسول- عليه الصلاة والسلام- وأصحابه الكرام، وقد تحقق ذلك وأنجز الله وعده، والله غالب على أمره.
الإشارة: قل من يكلؤ قلوبكم وأسراركم من الرحمن، أن يذهب بما أودع فيها من المعارف وأنوار الإحسان؟ فلا أحد يحفظها إلا من رحمها بما أودع فيها، ولهذا كان العارفون لا يزول اضطرارهم، ولا يكون مع غير الله قرارهم، لا يعتمدون على عمل ولا حال، ولا على علم ولا مقال، وفي الحكم: (إلهي، حكمك النافذ، ومشيئتك القاهرة، لم يتركا لذي حال حالاً، ولا لذي مقال مقالاً). وقال أيضًا: إلهي كم من طاعة بنيتُها وحالة شيدتُها، هدم اعتمادي عليها عدلك، بل أقالني منها فضلك. وكثير من الناس غافلون عن هذا المعنى، بل هم عن ذكر ربهم مُعرِضون.
قال الورتجبي: قوله تعالى: {قل من يكلؤكم...} الآية، أخبر عن كمال إحاطته بكل مخلوق، وتنزيهه عن العَجَلة بمؤاخذتهم، كأنه يقول: أنا بذاتي تعاليت، أدفع بلطفي القديم عنكم قهري القديم، ولولا فضلي السابق وعنايتي القديمة بالرحمة عليكم، من يدفعه بالعلة الحدثانية؟ وهذا من كمال لطفي عليكم وأنتم بعد معرضون عني يا أهل الجفا، وذلك قوله: {بل هم عن ذكر ربهم مُعرِضون}. اهـ. بلفظه مع تصحيف في النسخة.
وقوله تعالى: {بل متعنا هؤلاء...} الآية، تمتيع العبد بطول الحياة، إن كان ذلك في طاعة الله، وازدياد في معرفته، فهو من النعم العظيمة. وفي الحديث: «خَيرُكُم مَنْ طَال عُمُرهُ وحَسُنَ عَمَلُهُ» لكن عند الصوفية: أنه لا ينبغي للمريد أن ينظر إلى ما مضى من عمره في طريق القوم، فقد كان بعض الشيوخ يقول: لا يكن أحدكم عبد الدهور وعبد العدد. قال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه: معنى كلامه: أنه لا ينبغي للفقير أن يعدكم له في طريق القوم، ليقول: أنا لي كذا وكذا من السنين في طريق القوم. اهـ. بالمعنى. ولعل علة النهي؛ لئلا يرى للأيام تأثيرًا في الفتح، فقد قالوا: هي لمن صدق لا لمن سبق.
وقوله تعالى: {أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها} قال القشيري: فيه إشارة إلى سقوط قوى العبد بمرور السنين، وتطاول العمر، فإن آخر الأمر كما قيل:
آخِرُ الأمر ما تَرَى *** القبرُ واللَّحدُ والثرى
وكما قيل:
طَوَى العَصْرانِ ما نَشَرَاهُ مني *** فأبلى جِدَّتِي نَشْرٌ وطيُّ
أراني كلَّ يوم في انتقاصٍ *** ولا يبقى مع النقصان شيُّ
وكأنه فسر الأرض بأرض النفوس من باب الإشارة. والله تعالى أعلم.


ولمَّا بيَّن الحق تعالى غاية هول ما يستعجله المستعجلون، ونهاية سوء حالهم، عند إتيانه، ونعى عليهم جهلهم بذلك، وإعراضهم عند ذكر ربهم، الذي يكلؤهم من طوارق الليل والنهار، أمَرَ نبيه- عليه الصلاة والسلام- بأن يخبرهم أن ما ينذرهم به، مما يستعجلونه، إنما هو بالوحي، لا من عنده.
قلت: مَن قرأ: {يَسمع} بفتح الياء، فالصُّم: فاعل، والدعاء: مفعول، ومن قرأ بضم التاء، رباعي؛ فالصم: مفعول أول، والدعاء: مفعول ثان. ومن قرأ: {مثقال}؛ بضم اللام، فكان تامة، وبالنصب: خبر كان، أي: وإن كان العمل المدلول عليه بوضع الموازين.
يقول الحقّ جلّ جلاله: {قل} لهم يا محمد {إِنما أُنذِرُكُم} وأخوفكم من العذاب الذي تستعجلونه، أو بالساعة الموعودة، {بالوحي} القرآني الصادق، الناطق بإتيانه، وفظاعة شأنه، أي: إنما شأني أن أُنذركم بالإخبار به، لا بإتيانه؛ فإنه مخالف للحكمة الإلهية؛ إذ الإيمان برهاني لا عياني، فإذا أَنذرتَهم فلا يسمع إنذارك إلا من سبقت له العناية، دون من سبق له الشقاء، ولذلك قال تعالى: {ولا يسمع الصمُّ الدعاءَ} أي: الإنذار، أو لا تُسمع أنت الصمَّ الدعاءَ {إِذا ما يُنذَرُون}؛ يُخوَّفون، واللام في للعهد، وهو إشارة إلى هؤلاء المنذرين، والأصل: ولا يسمعون إنذارك إذا يُنذرون، فوضع الظاهر موضع المضمر؛ إشارة إلى تصاممهم وسد أسماعهم إذا أنذروا، وتسجيلاً عليهم بذلك. وفي التعبير بالدعاء، دون الكلام في الإنذار، إشارة إلى تناهي صممهم في حال الإنذار، فإن الدعاء من شأنه أن يكون بأصوات عالية مكررة مقارنة لهيئة دالة عليه، فإذا لم يسمعوا، مع هذه الحالة، يكون صممهم في غايةٍ لا غاية ورائها.
{ولَئِنْ مسّتْهم نفحةٌ} أي: دفعة يسيرة {من عذاب ربك} أي: كائنة منه، {ليقولنَّ يا ويلنا إِنا كنا ظالمين}، وهذا بيان لسرعة تأثيرهم من مجيء نفس العذاب، إثر بيان عدم تأثرهم من مجرد الإخبار به، لانهماكهم في الغفلة، أي: والله لئن أصابهم أدنى شيء من هذا العذاب الذي يُنذرون به، لذلوا، ودَعوا بالويل على أنفسهم، وأقروا بأنهم ظلموا أنفسهم حين تصامموا وأعرضوا. وقد بُولغ في الكلام، حيث عبَّر بالمس والنفح؛ لأن النفح يدل على القلة، فأصل النفح: هبوب رائحة الشيء، يُقال: نفحه بعطية، إذا أعطاه شيئًا يسيرًا، مع أن بناءها للمرة مؤكد لقلتها.
ثم بيَّن ما يقع عند إتيان ما أنذروه، فقال: {ونضع الموازينَ القِسْطَ} أي: نقيم الموازين العادلة التي تُوزن بها الأعمال، وهو جمع ميزان، وهو ما يوزن به الشيء ليُعرف كمِّيته. وعن الحسن: هو ميزان له كفتان ولسان، وإنما جمع الموازين؛ لتعظيم شأنها، والوزن لصحائف الأعمال في قول، وقيل: وضع الميزان كناية عن تحقيق العدل، والجزاء على حسب الأعمال.
وإفراد القسط؛ لأنه مصدر وصف به؛ للمبالغة، كأنها في نفسها قسط، أو على حذف مضاف، أي: ذوات القسط. وقوله: {ليوم القيامة} أي: لأهل يوم القيامة، أي: لأجلهم، أو في يوم القيامة، {فلا تُظلم نفسٌ شيئًا} من الظلم، ولا تنقص حقًا من حقوقها، بل يُؤتى كل ذي حق حقه، إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشر.
{وإِن كان مثقالَ حبةٍ من خَرْدَلٍ} أي: وإن كان الشيء أو العمل مثقال حبة من خردل، {أتينا بها}: أحضرناها وجازينا عليها، وأنث ضمير المثقال؛ لإضافته إلى حبة، {وكفى بنا حاسبين}، إذ لا مزيد على علمنا وعدلنا، أو عالمين حافظين، لأن من حسب شيئًا علمه وحفظه، قاله ابن عباس- رضي الله عنهما-.
الإشارة: كان صلى الله عليه وسلم يُنذر الناس ويذكّرهم بالوحي التنزيلي، وبقي خلفاؤه يذكرون بالوحي الإلهامي، موافقُا للتنزيلي، ولا يسمع وعظهم ويحضر مجالسهم إلا من سبقت له سابقة العناية، وأما من انتكبت عنه العناية تنكب مجالسهم، وتصامم عن وعظهم وتذكيرهم، ولا يسمع الصمُّ الدعاء إذا ما ينذرون، ولا يندمون إلا حين تنزل بهم الأهوال، ولا ينفع الندم وقد جف القلم، وذلك حين تُوضع موازين الأعمال، فتثقل أعمال المخلصين، وتخف أعمال المخلَّطين، ولا تُوضع الموازين إلا لأهل النفوس الموجودة، وأما من غاب عن نفسه في شهود محبوبه، لفنائه في شهوده، وانطوائه في وجوده، فلا ينصب له ميزان؛ إذ لا يشهد لنفسه حسًا ولا فعلاً ولا تركًا، وإنما الفعل كله للواحد القهار. ويكون من السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب، جعلنا الله من خواصهم بمنِّه وكرمه. آمين.
ثم شرع في تفصيل ما أجمل في قوله: {وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نوحي إِلَيْهِمْ}، [الأنبياء: 7] إلى قوله: {وَأَهْلَكْنَا المسرفين} [الأنبيَاء: 9].


يقول الحقّ جلّ جلاله: {ولقد آتينا موسى وهارون الفرقانَ وضياءً وذِكْرًا للمتقين}، هذه الأوصاف كلها للتوراة، فهي فرقان بين الحق والباطل، وضياء يستضاء به، ويتوصل به إلى سبيل النجاة، وذِكْرًا، أي: شرفًا، أو وعظًا وتذكيرًا. وتوكيده بالقسم؛ لإظهار كمال الاعتناء به، أي: والله لقد آتيناهما وحيًا ساطعًا وكتابًا جامعًا بين كونه فارقًا بين الحق والباطل، وضياء يُستضاء به في ظلمات الجهل والغواية، وذكرًا ينتفع به الناس، أو شرفًا لمن عمل به، وتخصيص المتقين بالذكر؛ لأنهم المستضيئُون بأنواره، المغتنمون لمغانم آثاره، أو ذكر ما يحتاجون إليه من الشرائع والأحكام، ودخلت الواو في الصفات، كقوله تعالى {وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً} [آل عِمرَان: 39]، وتقول: مررت بزيد الكريم والعالم والصالح.
ثم وصف المتقين أو مدحهم بقوله: {الذين يخشَون ربهم}، حال كونهم {بالغيب} أي: يخافون عذابه تعالى، وهو غائب عنهم غيرُ مشاهَدٍ لهم، ففيه تعريض بالكفرة، حيث لا يتأثرون بالإنذار ما لم يُشاهدوا ما أنذروه. أو يخافون الله في الخلاء كما يخافونه بين الناس، أو يخافونه بمجرد الإيمان به غير مشاهدين له، {وهُمْ من الساعة مشفقون} أي: خائفون معتنون بالتأهي لها. وتخصيص إشفاقهم منها بالذكر، بعد وصفهم بالخشية على الإطلاق؛ للإيذان بكونها أعظم المخلوقات، وللتنصيص على الاتصاف بضد ما اتصف به الكفرة الغافلون عنها، وإيثار الجملة الاسمية؛ للدلالة على ثبات الإشفاق ودوامه لهم.
{وهذا} أي: القرآن الكريم، أشير إليه بهذا؛ إيذانًا بغاية وضوح أمره، {ذِكْرٌ} يتذكر به من تذكر، وصفه ببعض أوصاف التوراة؛ لموافقته له في الإنزال، ولما مرّ في صدر السورة من قوله: {مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ} [الأنبيَاء: 2] إلخ، {مباركٌ}؛ كثير الخير، غزير النفع، يتبرك به على الدوام. قال القشيري: وصْفُه بالبركة هو إخبارٌ عن ثباته، من قولهم: بَرَكَ البعيرُ، وبَرَكَ الطائرُ على الماءِ، أي: داومَ. وهذا الكتاب دائم، لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خَلْفِه، وهو دال على كلامه القديم، فلا انتهاء له، كما لا ابتداء له ولا انتهاء لكلامه. اهـ. {أنزلناه} على محمد صلى الله عليه وسلم، وهو صفة ثانية للكتاب {أفأنتم له منكرون}؛ استفهام توبيخي، أي: جاحدون أنه منزل من عند الله، والمعنى: أبَعْدَ أن علمتم أن شأنه كشأن التوراة، في الإنزال والإيحاء، أنتم منكرون؛ لكونه منزلاً من عندنا؛ فإن ذلك، بعد ملاحظة التوراة، مما لا مساغ له أصلاً. وبالله التوفيق.
الإشارة: كل ما وصف به التوراة وصف به كتابنا العزيز، قال تعالى: {تَبَارَكَ الذي نَزَّلَ الفرقان على عَبْدِهِ} [الفرقان: 1] ٍ، وقال: {وَأَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً} [النِّساء: 174]، وقال هنا: {وهذا ذكر مبارك}، فزاده البركة؛ لعموم خيره ودوام نفعه، وخصوصًا للمتقين الذين يخشون ربهم بالغيب: قال القشيري: والخشية بالغيب: إطراقُ السريرة في أول الحضور، باستشعار الوَجَلِ من جريان سوء الأدب، والحذَرُ من أنْ يبدوَ من الغيبِ بَغَتَات التقدير، مما يوجِبُ حجبة العبد. اهـ.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8